علاء الاسواني : لابد من القيام بالخطوة التالية للثورة

يقول الكاتب المصري المرموق علاء الاسواني ان محاكمة الرئيس السابق حسني
مبارك تعتبر لحظة مهمة في تاريخ مصر، الا ان على المجلس العسكري ان يتوقف
عن محاولة المحافظة على النظام القديم.

وكتب الاسواني في مجلة "نيوزويك" الاميركية مقالا تحت عنوان "الخطوة
التالية للثورة" هذا نصه:

"اعتقد انها لحظة في غاية الاهمية ان نرى مبارك في قفص الاتهام. انها لحظة
متميزة في تاريخ مصر بل وفي تاريخ المنطقة باكملها. انها نقطة تحول. ومن
الان فصاعدا، لن يكون الرئيس والد الشعب او رمز الدولة. بل سيكون خادما
يعمل من اجل الشعب، وعندما يرتكب اي خطأ او جريمة، فانه سيسأل عنها امام
القضاء.

للمرة الاولى خلال الثورة عرفت معنى كلمة "الشعب". لقد رددت كلمة "الشعب"
عدة مرات في مؤلفاتي، ولكني للمرة الاولى ادرك معناها. شعرت ان لدينا 20
مليون شخص هم حقا افراد عائلة واحدة. لقد عايشت لحظات خطرة جدا.

وتعرضت للموت ثلاث مرات، ولم اكن في ذلك استثناءً. لقد شارك عشرون مليون
شخص في هذه الثورة، وواجهوا المخاطر الحقة في ان تزهق ارواحهم. كان النظام
يستخدم القناصة. وقد يكون احدهم بجانبك يتحدث اليك – وخلال 4 او 5 دقائق
تسمع صوتا ولا تجد من كان بجانبك على قدميه. لقد اصابته رصاصة في جبهته،
ولم يعد حيا يرزق.

وهكذا يصبح الموت شيئا يمكنك ان تتعايش معه، وهو تجربة غريبة جدا. الموت
لا يعود مجرد فكرة. الناس لم يتراكضوا فرارا منه، حتى عندما بدأ القناصة
اطلاق النار. ولكن لماذا؟ ذلك ان الناس اصبحوا في الثورات الاصيلة هم أركان
الثورة اكثر من كونهم افرادا يخشون على سلامتهم الشخصية.

ولم تعد الاجواء في القاهرة الان متفائلة بقدر ما كانت عليه في الحادي عشر
من شباط (فبراير) عندما تنحى مبارك. وللانصاف لا بد من القول ان الناس لا
يزالون متفائلين. اذ يعتقدون ان فجر المستقبل قد بزغ في مصر – الكل يتحدث
عن ذلك. الا ان القلق الناس لا يزال ينتاب الناس لانهم لم يلمسوا التغييرات
التي ظنوا انهم سيشاهدونها حتى بعد مرور ستة اشهر.

لقد اجبرت الثورة مبارك على التنحي. لكن لدينا شكوك في ما يتعلق بتصرفات
المجلس العسكري.

اذ كان من المفروض فيه ان يتجاوب مع مطالب الثورة. ولكنه حتى لم يفعل ذلك،
اللهم الا في محاكمة مبارك. غير ان لدى الثوار مطالب اخرى – ومنها على
سبيل المثال استئصال ضباط الشرطة الفاسدين والقضاة الفاسدين الذين يشرفون
على الانتخابات المباشرة، وتغيير المدعي العام الذي كان يعمل في خدمة مبارك
لسنوات ويقدم تنازلات في خدمة السياسة، ووقف عادة محاكمة المدنيين امام
المحاكم العسكرية.

علينا ان نبذل ضغوطا على المجلس العسكري، وهو حقا ما نقوم به. فنحن لا
ننسى ان هناك ثورة مضادة في مصر. وان هناك عناصر للنظام تتسبب في كل انواع
المشاكل. ثم ان الثورة المضادة تبذل ضغوطا على الناس العاديين.

فالبلطجية منتشرون في كل انحاء البلاد، يسيطر عليهم ويتحكم بهم ضباط
الشرطة المصريون. فهم يستخدمونهم لارهاب الناس، وبالتالي فان الناس يشتكون
من ان الامن معدوم بسبب الثورة. ونظرا لان مصر ليست مكانا مأمونا، فان
السياح لا يتوجهون اليها. وكان على المجلس الثوري ان يقصي جميع الضباط
الذين ينتمون الى نظام مبارك.

لكنه لم يفعل ذلك ولا يريد ان يفعله. وسيقول الناس في احد المواقف "اننا
نكره الثورة، لاننا نريد ان نأمن على ارواحنا". لكن الثورة ليست السبب الذي
حرمهم من الامن. فالمجلس العسكري لم يتخذ القرار الصائب لحماية الثورة.

لقد اجبرت الثورة مبارك على التنحي، فكان ذلك الخطوة الاولى في استئصال
نظام مبارك القديم، حتى يمكن للثورة ان تبني بعده نظاما جديدا. وفي ظني ان
المجلس العسكري وافق على استقالة مبارك من اجل المحافظة على النظام القديم.
وهكذا كان ينظر الى الاستقالة بعيون مختلفة تماما.

ولدينا الان مشكلة اخرى، نظرا لان الاسلاميين تحالفوا مع المجلس العسكري.
حيث ان الاسلاميين يدعمون بصورة قاطعة المجلس العسكري ويهاجمون كل من ينتقد
المجلس. وبهذه الطريقة فانهم يقتربون اكثر فاكثر الى مركز السلطة، وهو وضع
انتهازي بامتياز. ولا يهمهم شيء الا ان يكونوا في السلطة. فهذا هو همهم
اكثر من اهتمامهم بما تريده الثورة.

ولا تزال الثورة المضادة تثير المتاعب للمصريين بعد مرور ستة اشهر، فهناك
شرطة مبارك التي ترفض حماية المصريين. فيما تتواصل الازمة الاقتصادية
المصرية. وهو ما يجعل الناس لا يشعرون بالتفاؤل او الامن مثلما كان عليه
الحال قبل استقالة مبارك. والامر المهم حقا الان هو تفسير ما يحدث للناس،
وبقاء كل القوات الثورية متحدة، ومواصلة الضغط على المجلس العسكري.

ان ثورة لا قائد لها كانت امرا جيدا للغاية قبل استقالة مبارك. ونظرا لان
الثورة كانت بلا قائد، فان نظام مبارك عجز عن السيطرة عليها. ولكننا بحاجة
الى قيادة بعد استقالته. ونحاول تنظيم شيء ما – وفد او وزارة او حكومة
للثورة. ولكن ليس شخصا فردا – فنحن لا نطالب ببطل، لاننا نؤمن ان البطل
الحقيقي هو الشعب المصري.

أج ــمل وأرق باقات ورودى
لموضوعك القيم وجهدك الكريم
اعاننا الله على طاعته
كل الود والتقدير
دمت برضى من الرح ــمن
لك خالص احترامي وتقديري

» لابد من الدخول....
» د. مرسي: "الحرية والعدالة" نتاج للثورة المصرية البيضاء